بوابة العوالم

 بوابة العوالم


في قلب غابة كثيفة حيث الأشجار ترتفع إلى عنان السماء وتتشابك أغصانها لتحجب ضوء الشمس، كان هناك كهف قديم يخفي وراءه أسرارًا لم يجرؤ أحد على اكتشافها. على مدى قرون، كانت الأساطير تتحدث عن هذا الكهف باعتباره بوابة لعالم آخر، عالم لا يمكن أن يدخله إلا من يمتلك قلبًا نقيًا وقوة شجاعة لا تهتز أمام الخوف.


جميع سكان المنطقة كانوا يعرفون عن الكهف، لكن أحدًا لم يجرؤ على الاقتراب منه. إلا شابٌ يدعى "مالك"، لم يكن يشبه البقية. كان مغامرًا بالفطرة، يبحث عن الإثارة في كل زاوية. سمع عن الكهف وقرر أن يكتشف ما خلف تلك الأساطير بنفسه، غير مبالٍ بالتحذيرات التي تلقاها من كبار السن في القرية.


ذات ليلة مظلمة وباردة، حمل مالك مصباحه ودخل الكهف. في البداية، كان كل شيء يبدو عاديًا، مجرد ممرات ضيقة وأصداء خطواته التي تعلو في المكان. لكن كلما توغل أكثر، شعر بأن شيئًا ما يراقبه. فجأة، ظهرت أمامه بوابة حجرية ضخمة عليها نقوش غريبة لم يرها من قبل. وفي وسط الباب، كانت هناك دائرة محفورة تبدو وكأنها مفتاح أو رمز معين.


تردد مالك للحظة، لكن فضوله تغلب على خوفه. وضع يده على الدائرة وبدأ يشعر بدفء غريب يتدفق من الحجر إلى جسده. في لحظة، انفتحت البوابة ببطء، لتكشف عن مشهد مذهل خلفها: عالم مختلف تمامًا عن أي شيء رآه من قبل. سماء أرجوانية، وأنهار تتلألأ بالذهب، وكائنات غريبة تطير في الهواء بدون أجنحة. كان هذا المكان كما لو كان جزءًا من حلم.


ولكن، لم يكن هذا العالم خالٍ من الخطر. ظهرت أمامه شخصية غامضة، ذات عيون تلمع كالجمر، وقالت له: "لقد دخلت عالماً ليس لك. لكل شيء ثمن، والثمن هنا هو الاختيار."

تقدمت الشخصية نحوه وهي تحمل في يدها ميزانًا غريبًا. "عليك أن تختار: إما أن تأخذ كل ما تتمناه من هذا العالم، ولكن في المقابل ستفقد ما هو أغلى لديك. أو تغادر الآن، دون أن تحصل على شيء وتعود لحياتك كما كنت."


تردد مالك. كان هذا العالم يعرض عليه كل شيء: المال، القوة، المعرفة. لكنه أيضًا أدرك أن هناك شيئًا أكبر. تذكر عائلته وأصدقائه وحياته التي ربما كان يظن أنها عادية، لكنها كانت مليئة بالحب والأمان. في تلك اللحظة، أدرك مالك أن السعادة الحقيقية لا تأتي من المال أو القوة، بل من الأشياء التي نعتز بها في حياتنا اليومية.


بهدوء، نظر إلى الشخصية وقال: "أختار أن أعود. لدي بالفعل كل ما أحتاجه."

ابتسمت الشخصية الغامضة وقالت: "لقد اخترت بحكمة. القليل فقط يدركون قيمة ما لديهم." ثم اختفى العالم أمام عيني مالك، ليجد نفسه مرة أخرى عند مدخل الكهف، لكن هذه المرة بشعور عميق من الرضا والامتنان لحياته.


عندما عاد مالك إلى قريته، لم يعد يبحث عن المغامرات الكبرى، بل اكتفى بالاستمتاع بكل لحظة في حياته، مدركًا أن المغامرات الحقيقية تكمن في الأشياء الصغيرة التي نعيشها يوميًا.

تعليقات