حراس غابة التوازن

 حراس غابة التوازن



في قرية صغيرة تقع على حافة غابة كثيفة، عاش رجل يدعى عمر. كان عمر معروفًا بفضوله الذي لا ينتهي ورغبته في اكتشاف العالم من حوله. كانت الغابة المحيطة بالقرية تُعرف باسم "الغابة المجهولة"، حيث لم يكن أحد من سكان القرية قد تجرأ على الدخول فيها. فقد كانت مليئة بالأساطير والقصص التي تتحدث عن أصوات غريبة وأضواء تظهر في عمق الليل، مما جعل الناس يبتعدون عنها خوفًا من المجهول.


في أحد الأيام، قرر عمر أن يكسر حاجز الخوف ويكتشف بنفسه حقيقة تلك الغابة. حمل حقيبته، وملأها ببعض الطعام والماء، وأخذ مصباحه ليلًا، وانطلق نحو الغابة. كان يسير بين الأشجار الكثيفة التي تتشابك أغصانها بشكل غريب، وكأنها تمنع أي شخص من التقدم.


بعد ساعات من السير، بدأت تظهر أمامه آثار قدم غريبة على الأرض. لم تكن تشبه آثار أقدام البشر أو الحيوانات التي يعرفها. تساءل عمر في نفسه عن مصدرها، لكنه لم يتراجع، بل زادت حماسته للاستمرار. مع تقدم الليل، لاحظ وجود ضوء خافت بين الأشجار. توجه نحو الضوء، وما إن اقترب حتى وجد نفسه أمام بناء قديم مغطى بالطحالب والأشجار المتسلقة.


لم يكن هذا البناء جزءًا من الأساطير التي سمعها في القرية، فقد بدا وكأنه معبد قديم مهجور. شعر عمر بأن هناك سرًا كبيرًا في هذا المكان. عندما دخل إلى المعبد، وجد نقوشًا قديمة على الجدران تحكي قصة حضارة قديمة كانت تعيش في هذه الغابة. لكن المفاجأة كانت في النقش الأخير الذي يحكي عن "حراس الغابة"؛ كائنات غامضة تحمي هذا المكان من أي دخيل وتحافظ على توازن الطبيعة.


بينما كان عمر يقرأ هذه النقوش، بدأت الأرض تهتز من تحته، وسُمعت أصوات همسات تأتي من جميع الاتجاهات. بدأت الحجارة في التحرك ببطء وكأنها تتنفس، وتحوّلت الجدران إلى كائنات حية تراقبه بعينين مشعتين. لم يعرف عمر ما إذا كان ما يحدث حقيقة أم خيالًا، لكنه شعر بالخطر يقترب.


في تلك اللحظة، تذكر إحدى النصائح التي كان يسمعها دائمًا من كبار القرية: "احترم الطبيعة، وستحترمك". فأخذ خطوة للخلف، وأغلق عينيه، وبدأ يتحدث بصوت هادئ عن رغبته في فهم هذا المكان دون إلحاق أي ضرر. فجأة، توقفت الحركات، وعاد الهدوء إلى المعبد.


ظهرت أمامه صورة غامضة لكائن غريب يشبه الإنسان لكنه محاط بهالة من الضوء. قال الكائن: "لقد أثبتت احترامك. أنت أول من يدخل هنا دون أن يفسد التوازن. اترك هذا المكان، واحمل معك حكمة الغابة إلى الناس."


غادر عمر الغابة بسلام، وعاد إلى القرية ليخبر الناس بالقصة. لم يكن هناك أي كنز مادي في المغامرة، لكن الحكمة التي اكتسبها من احترام التوازن بين الإنسان والطبيعة كانت أعظم بكثير.

تعليقات