لعنة الشاشة

لعنة الشاشة

 في تلك الليلة، عندما كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل تمامًا، جلس "سعيد" وحيدًا في غرفته، يحدّق في شاشة الكمبيوتر التي تضيء وجهه بنور خافت. الجو كان هادئًا، هادئًا بشكل غير مريح. بعد يوم مرهق، قرر سعيد أن يتصفح بعض المواقع العشوائية على الإنترنت. وبينما كان يتنقل بين الصفحات، ظهرت أمامه نافذة منبثقة غريبة، مكتوبة بلغة لم يستطع تمييزها. رغم ذلك، أُغري بالنقر على رابطها.


بمجرد أن نقر، انطفأت الشاشة للحظات، قبل أن تعود لتعرض موقعًا قديم الطراز، أشبه ما يكون بموقع من التسعينات. الصفحة كانت فارغة تقريبًا إلا من جملة واحدة: "هل تريد أن تعرف الحقيقة؟"


ضحك سعيد بسخرية وقال لنفسه: "أش هاد تخربيق؟"، ولكنه، وبشكل غير مبرر، شعر بدافع للنقر على "نعم". وفور ما ضغط، تغيّر كل شيء.


أضاءت الغرفة فجأة بضوء ساطع، والكمبيوتر بدأ يصدر صوتًا مرتفعًا يشبه الصراخ. شعر سعيد بأن كل شيء حوله يهتز، وكأن قوة غير مرئية تجذبه نحو الشاشة. حاول الابتعاد، لكن أصابعه كانت مشلولة، كما لو أن هناك من يمسك بها بقوة. شعر بالخوف لأول مرة، وخفق قلبه بجنون.


وبينما كان يحاول بكل طاقته إغلاق الجهاز، بدأ وجه غريب يظهر على الشاشة، وجه مليء بالجروح والندوب. اقترب الوجه أكثر، وبدأ سعيد يسمع همسات غريبة تخرج من السماعات، همسات غير مفهومة، لكنها كانت تقطر شرًا وخبثًا.


وفجأة، انقطعت الكهرباء عن المنزل بالكامل. وجد سعيد نفسه في ظلام دامس، ولكن صوت الهمسات لم يتوقف. بل، أصبح أقرب، وكأنه يأتي من خلفه.


"شكون هنا؟!" صرخ سعيد، لكن الصوت لم يرد. بدلاً من ذلك، شعر بيد باردة تلمس كتفه. كان يشعر بجسد غير مرئي يقترب منه ببطء، يلتف حوله وكأنه يخطط لسحب روحه.


حاول الركض نحو الباب، لكنه وجده مغلقًا بإحكام. كل ما استطاع فعله هو الالتفاف ببطء ليجد خلفه ظلاً طويلًا، أطول من أي إنسان عادي، يحدق به بعينين مشعتين.


"أنت من فتح الباب"، قال الصوت ببطء، صوت عميق يجعلك تشعر بالبرد يخترق عظامك.


حاول سعيد أن ينطق بأي كلمة، لكن فمه كان قد تجمد، وكأن الشبح كان قد استولى على صوته. ثم، دون سابق إنذار، انقض الظل عليه. شعر وكأن يده اخترقت جسده، أخذت تنبش داخله، تسحب شيئًا منه. كانت روحه، ببطء وسكون، تخرج من جسده.


في الصباح التالي، وُجد سعيد جالسًا على كرسيه، عينيه مفتوحتين على شاشة الكمبيوتر، ولكن عقله كان غائبًا. كان يبدو وكأنه حيّ، لكنه لم يعد سوى قشرة فارغة. والكمبيوتر؟ كان يعرض جملة واحدة: "هل تريد أن تعرف الحقيقة؟"


العبرة: ليس كل ما يُعرض أمامك على الشاشة بريئًا. هناك أشياء خفية في هذا العالم، أسرار قاتلة، قد تأخذ منك أكثر مما تتوقع.

تعليقات