قصة النبي سليمان

قصة النبي سليمان



 في زمنٍ بعيد، عاش نبي الله سليمان عليه السلام، الذي أنعم الله عليه بحكمٍ واسعٍ، وقوةٍ خارقةٍ لا مثيل لها. كان سليمان عليه السلام ملكًا ونبيًا يجمع بين الحكمة والعدل، وأوتي من العلم ما لم يؤت أحد من قبله. أعطاه الله القدرة على فهم لغة الحيوانات، وسخر له الجن والرياح لخدمته، حتى أنه كان يحكم على كل ما في الأرض والسماء بأمر الله.


وذات يوم، بينما كان سليمان عليه السلام يجلس على عرشه محاطًا بجنوده من الجن والإنس والطير، لاحظ غياب الهدهد. كان الهدهد يحمل دورًا مهمًا في مملكة سليمان؛ حيث كان يقوم بمراقبة الأرض وإحضار الأخبار من كل مكان. فغضب سليمان وسأل عن سبب غيابه، وقرر أن يعاقبه إن لم يكن لديه عذرٌ مقنع.

وبعد قليل، عاد الهدهد إلى مجلس سليمان وهو مرهق من الطيران، لكنه يحمل خبراً عظيماً. وقف الهدهد بين يدي سليمان وقال: "وجدت ما لم تحط به علمًا، جئتُك من سبأ بنبأٍ عظيم. وجدتُ هناك مملكةً عظيمة، يحكمها امرأة تدعى بلقيس. لديهم كل شيء، قصرٌ عظيم، وجنودٌ كثيرون، لكنهم يعبدون الشمس من دون الله."

تعجب سليمان من كلام الهدهد، لكنه قرر أن يتحقق من الأمر. فأرسل رسالة إلى بلقيس، يدعوها فيها إلى الإيمان بالله وحده وترك عبادة الشمس. أرسلت بلقيس رسلها إلى سليمان بهدايا عظيمة لتختبره، لكنها فوجئت برد سليمان، إذ رفض الهدايا ودعاها للإيمان بالله.

وفي يوم اللقاء، أراد سليمان أن يظهر لبلقيس عظمة الله وقدرته. فأمر جنوده بأن يحضروا عرشها قبل أن تصل. فتقدم أحد الجن الأقوياء وقال إنه يستطيع إحضاره قبل أن يقوم سليمان من مقامه. ولكن رجلًا من أهل العلم والإيمان قال: "أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك." وبالفعل، قبل أن يغمض سليمان عينيه، كان عرش بلقيس قد أُحضر أمامه.

عندما وصلت بلقيس، ورأت عرشها أمامها، أدركت أن قوة سليمان ليست عادية، وأنها ليست قوة بشرية فقط، بل قوة إلهية من عند الله. وبهذا الموقف، تخلت بلقيس عن عبادة الشمس وآمنت بالله الواحد.

العبرة من هذه القصة أن القوة الحقيقية ليست في الملك أو الجيوش أو المال، بل في الإيمان والتوكل على الله. سليمان عليه السلام لم يكن يستمد قوته من سلطانه أو جنوده، بل من الله الذي سخّر له كل شيء. وهكذا، فإن كل ما نملكه في هذه الحياة هو من فضل الله، وعلينا أن نستخدمه في طاعته والتقرب إليه، ونتذكر دائمًا أن الله قادر على كل شيء، وأنه هو الذي يهب القوة وينزعها متى شاء.

هذه القصة تعلمنا أن التواضع والإيمان هما سر القوة الحقيقية، وأن الله سبحانه يرفع المؤمنين ويهبهم ما لا يخطر على بال، إن هم صدقوا في إيمانهم وعبادتهم.
تعليقات