التوبة والنجاة
في إحدى القرى الصغيرة، عاش شابٌ يُدعى عُمر. كان عمر معروفًا بقوته الجسدية وذكائه الحاد، لكنه كان متكبّرًا، يرفض الاستماع إلى نصائح الآخرين ويستهزئ بهم. كان يعتبر أن قوته وذكاءه هما سبب نجاحه في كل شيء. كان والده، رجلٌ صالح يُدعى عبد الله، دائمًا يحاول نصحه وتذكيره بالله، لكن عمر كان يضحك في وجهه ويقول: "أنا من يخطط وأعمل، وأنا من يجني النجاح. لا أحد له فضلٌ عليّ".
في يومٍ من الأيام، قرر عمر أن يذهب في رحلة تسلق إلى جبل شاهق قرب قريتهم، رغم تحذيرات والده وكثير من أهالي القرية بأن هذا الجبل خطر، وأنه لا ينبغي التسلق عليه وحده. لكن عمر، كعادته، تجاهل الجميع واعتبر أن بإمكانه فعل أي شيء.
بدأ عمر رحلته في الصباح الباكر. تسلق الجبل بكل ثقة، لكن مع تقدم اليوم، تغير الطقس فجأة. هبت رياح قوية، وبدأت السماء تمطر بغزارة. بدأ عمر يشعر بالخوف لأول مرة. كانت الصخور تنزلق من تحت قدميه، ولم يعد قادرًا على الحفاظ على توازنه. شعر بأن نهايته قد اقتربت.
في تلك اللحظة، تذكر كل كلمات والده. تذكر كم كان يستهزئ بنصائحه، وكيف كان يعتقد أنه لا يحتاج لأحد. بدأ قلبه يرتجف. رفع يديه إلى السماء وقال: "يا الله، إن كنت تسمعني، إن كنت حقًا قادرًا على كل شيء كما يقولون، فأنقذني! أنا ضعيف، لا أملك أي شيء الآن. أنا تائب. أعدك يا رب أني لن أعود إلى الكبرياء أبدًا".
في تلك اللحظة، حدث أمرٌ غريب. توقف المطر فجأة، وظهرت شمس مشرقة تخترق الغيوم. بينما كان عمر يلتقط أنفاسه ويحاول إيجاد طريق للعودة، وجد فجأةً رجلاً شيخًا عجوزًا قادمًا نحوه. لم يكن هناك أي علامة على هذا الرجل قبل لحظات. سأله الشيخ: "هل تحتاج مساعدة؟".
بدهشة قال عمر: "نعم، كيف وصلت إلى هنا؟"
ابتسم الشيخ وقال: "دعك من الأسئلة الآن، سأساعدك على النزول".
قاد الشيخ عمر عبر ممر آمن إلى أسفل الجبل. عندما وصلوا إلى القاع، التفت عمر ليشكر الشيخ، لكنه اختفى وكأنه لم يكن موجودًا أبدًا. في تلك اللحظة، أدرك عمر أن الله قد استجاب لدعائه وأرسل له هذا الرجل لينقذه.
عاد عمر إلى قريته، مختلفًا تمامًا. ذهب مباشرة إلى والده واحتضنه قائلاً: "لقد كنت على حق يا أبي. لا شيء يحدث في هذا العالم إلا بمشيئة الله. كنت متكبّرًا وظننت أني لا أحتاج أحدًا، لكن اليوم تعلمت درسًا لا يُنسى".
منذ ذلك اليوم، أصبح عمر رجلاً متواضعًا، يشكر الله على كل نعمة ويستمع لنصائح الآخرين. أدرك أن القوة الحقيقية ليست في العضلات أو الذكاء، بل في الاعتراف بأن الله هو القوي، وأن كل ما نملكه هو من فضله.
العبرة: مهما بلغت قوتنا أو ذكاؤنا، نحن بحاجة إلى الله في كل لحظة. التواضع هو السبيل الحقيقي للنجاح والرضا في الحياة.