هل هذه أخر ليلة ؟

هل هذه أخر ليلة ؟



 في قريةٍ نائية ومهجورة، تقع في عمق غابة كثيفة، وجد مجموعة من المسافرين أنفسهم عالقين دون سابق إنذار. كان اليوم مشمسًا عندما انطلقت الحافلة التي تقلهم من المدينة باتجاه وجهة مجهولة، لكن ما أن مرّوا عبر طريق ضيق في الغابة حتى توقفت الحافلة فجأة. حاول السائق إعادة تشغيل المحرك، لكنه لم يستجب، وبعد دقائق من المحاولات الفاشلة، أدرك الركاب أنهم في ورطة.


كان من بين الركاب رجلٌ يُدعى طارق، وهو طبيبٌ شاب كان في طريقه لمؤتمر طبي، وامرأة تدعى ليلى، أم لطفلين كانت عائدة من زيارة عائلية. إضافة إلى عادل، سائق شاحنة متقاعد، وزوجان شابان، سارة وأحمد، كانا في شهر العسل.


نزلوا جميعًا من الحافلة، محاولين استيعاب الموقف. اقترح عادل أن يستكشفوا المنطقة بحثًا عن مساعدة، فوافق الجميع، رغم الخوف الذي بدأ يتسلل إلى قلوبهم بسبب الغابة المظلمة والمجهولة. وبعد مسيرة قصيرة، فوجئوا بمشهد غريب: قرية صغيرة تقع في وسط الغابة، تبدو مهجورة تمامًا.


تقدم طارق بحذر نحو أحد البيوت القديمة، وقبل أن يطرق الباب، انفتح فجأة. خرج منه رجل عجوز ببشرة شاحبة وعينين غريبتين. قال ببرود: "مرحبًا بكم. أنتم الآن جزء من هذه القرية."


بدهشة وحيرة، حاول طارق أن يسأله عن كيفية الخروج، لكن العجوز تجاهل سؤاله وأغلق الباب في وجهه. بدأت ليلى تشعر بالخوف الشديد، بينما حاول أحمد تهدئتها قائلاً إنهم ربما يحتاجون إلى استكشاف المزيد.


مع حلول الليل، لاحظت المجموعة أن هناك شيئًا غريبًا يحدث في القرية. لا توجد أصوات طبيعية مثل الرياح أو الطيور، كل شيء هادئ بشكل مخيف. فجأة، ظهر صوت صاخب من الغابة. التفت الجميع إلى الصوت، ورأوا ظلالاً تتحرك بين الأشجار.


لم يمض وقت طويل حتى أدركوا أن القرية ليست كما تبدو. مع اقتراب الظلام، بدأت تظهر مخلوقات غريبة تشبه البشر، لكنها ليست كذلك. كانت تقترب ببطء من المنازل، وعيونها تلمع في الظلام. بدأ الجميع بالركض نحو أقرب منزل بحثًا عن ملاذ، واكتشفوا أن الأبواب والنوافذ يجب إغلاقها بإحكام، وإلا فإن تلك المخلوقات ستدخل.


في الداخل، جلسوا بصمت، يحاولون استيعاب ما يجري. كانت ليلى تبكي بهدوء، بينما جلس أحمد وسارة يداً بيد، متوترين. طارق، الذي كان يعتبر نفسه عقلانياً، بدأ يشعر بأن هذا المكان يتجاوز حدود المنطق.


مع مرور الأيام، أدركوا شيئًا مرعبًا: لا يمكنهم مغادرة القرية. في كل مرة يحاولون الهروب، يعودون إلى نفس المكان. لا يوجد طريق للخروج، وكأن القرية قد حبستهم داخلها.


بدأ السكان القدامى في القرية بالظهور تدريجيًا، يبدون كما لو أنهم عالقون منذ سنوات، ولم يكن لديهم أي تفسير لكيفية وصولهم أو سبب عدم قدرتهم على المغادرة. كانوا يعيشون في خوف دائم من المخلوقات الليلية، محاولين البقاء على قيد الحياة كل ليلة.


طارق، مع كل يوم يمر، بدأ يفهم أن الأمر ليس مجرد مكان مهجور، بل هو فخ لا مفر منه. وعندما أدركوا أنهم قد يضطرون للتأقلم مع هذا الوضع، كان السؤال الأكبر الذي يلوح في الأفق: كيف يمكنهم البقاء على قيد الحياة في قرية لا يمكنهم مغادرتها، مع مخلوقات تتربص بهم في الظلام؟


لكن المغزى من هذه التجربة لم يكن فقط النجاة من تلك المخلوقات، بل كان التحدي الأكبر هو البقاء محافظين على إنسانيتهم وأملهم، في مكان يحاول تدميرهم من الداخل.

تعليقات